الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أنه يستحب تزوج الجميلة؛ لأنها أسكن للنفس, وأغض للبصر، فمن رفض الزواج بغير الجميلة فله ذلك، ولا ضير عليه، وإن كان الأولى أن يكون معياره في الرفض والقبول هو الدين، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المروي في الصحيحين عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح: قَوْلُهُ: وَجَمَالِهَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ تَزَوُّجِ الْجَمِيلَةِ, إِلَّا أَنْ تُعَارِضَ الْجَمِيلَةَ الْغَيْرُ دَيِّنَةٍ, وَالْغَيْرَ جَمِيلَةٍ الدِّينَةُ, نَعَمْ, لَوْ تَسَاوَتَا فِي الدِّينِ فَالْجَمِيلَةُ أَوْلَى, وَيَلْتَحِقُ بِالْحَسَنَةِ الذَّاتُ الْحَسَنَةُ الصِّفَاتِ, وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ خَفِيفَةَ الصَّدَاقِ, قَوْلُهُ: فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ, فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ, وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّائِقَ بِذِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ مَطْمَحَ نَظَرِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ, لَا سِيَّمَا فِيمَا تَطُولُ صُحْبَتُهُ, فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْصِيلِ صَاحِبَةِ الدِّينِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الْبُغْيَةِ. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع: فلو اجتمع عند المرء امرأتان: إحداهما جميلة وليس فيها فسق أو فجور، والأخرى دونها في الجمال لكنها أدين منها، فأيهما يختار؟ يختار الأدين.
لكن أحيانًا بعض الناس يكون مولعًا بالجمال، وإذا علم أن هناك امرأة جميلة، لا تطيب نفسه بنكاح من دونها في الجمال، ولو كانت أدين، فهل نقول: إنك تكره نفسك على هذه دون هذه وإن لم ترتح إليها؟ أو نقول: خذ من ترتاح لها ما دامت غير فاجرة ولا فاسقة؟ الظاهر الثاني، إلا إذا كانت غير دينة، بمعنى أنها فاسقة، فهذه لا ينبغي أن يأخذها. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 125820، 128611.
والله أعلم.