الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنطمئنك أيها السائل الكريم بأنك على إيمان ـ إن شاء الله ـ طالما أن قلبك يرفض تلك الوساوس ويبغضها، وتأمل في الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك كيف جعل رسول الله بغض الشخص لهذا الذي يجده في صدره وتحرجه من الكلام به هو صريح الإيمان، وبالتالي فإن إيمانك لا يتأثر بهذه الوساوس ـ إن شاء الله ـ طالما أنك كاره لها ساع في دفعها ودحضها، بل لعل هذا باب من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس قد فتحه الله لك ليرى صبرك وثباتك، فعليك أن تستعين بالله عز وجل وتستمر في مدافعة تلك الوساوس، ونبشرك أيضا بأنك مأجور ـ إن شاء الله ـ طالما أنك تجاهد تلك الوساوس، وراجع بشأن الوساوس وعلاجها الفتويين رقم: 110257، ورقم: 106886.
وننصح السائل الكريم بكثرة ذكر الله تعالى والالتجاء إليه بالدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بثبات القلب على دين الله تعالى، فقد سئلت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت: فقلت: يا رسول الله، ما أكثر دعائك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك! قال: يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ ـ فتلا معاذ ـ أحد رواة الحديث: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا. رواه الترمذي وأحمد.
فبذكر الله تعالى والأنس به وكثرة دعائه يطمئن قلبك ويزداد إيمانك وتجد لذة العبادة، كما ننصحك بصحبة الصالحين.
وأما أخذ الولد من مال والده بغير إذنه: فلا يجوز إلا إذا كان الولد قد أخذ من مال أبيه ما يحتاجه، لأن أباه لا يقوم بما أوجب الله عليه من النفقة على الأولاد، فمثل هذا ليس بسرقة بالاتفاق، لأن الولد إنما أخذ حقه، قال صلى الله عليه وسلم لهند امرأةأبي سفيان عندما قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري وأحمد. وفي رواية للبخاري: لا حرج عليك.
قال القرطبي فيما نقله عن الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: خذي ـ أمر إباحة بدليل قوله لا حرج. انتهى.
فإذا كنت قد أخذت من مال أبيك على وجه محرم، فيلزمك رده إليه بأي طريقة مناسبة، مع بذل النصيحة له في ماله بأسلوب طيب، وإذا تحقق لديكم أن الوالد سفيه، فيمكنكم رفع أمره إلى القضاء الشرعي ليقوم بالحجر عليه، أما أخذكم ماله وحجبه عنه من تلقاء أنفسكم فلا يجوز، وانظر الفتويين رقم: 97552، ورقم: 43792، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.