الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنبشرك أيها الأخ الكريم بأنك على خير وهدى، ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا وإياك إلى نيل الدرجات الرفيعة في الدين والدنيا والوصول إلى مقامات العارفين.
واعلم أن أفعالك المذكورة من كظم الغيظ، ومقابلة السيئة بالحسنة، والإحسان إلى الغير، لهي من أوصاف عباد الله المتقين الذين قال الله تعالى فيهم: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}. وكما قيل: إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر أين أقامك.
فطالما أنك تفعل الخير تبتغي به وجه الله عز وجل، فاحمد الله تعالى أن وفقك إلى ذلك، واسأله سبحانه أن يثبتك عليه ويزيدك منه، فهذا ليس ضعفا في الشخصية، بل ضعف الشخصية أن يتأثر الإنسان بغيره في الأخلاق السيئة، ويكون إمعة إن أساء الناس أساء. فلا تلتفت إلى تلك الهواجس.
والحلم لا يتعارض مع حفاظ الإنسان على حقوقه وكرامته. ويمكنك المطالبة بحقك من المماطل بأسلوب مناسب من غير أن يصل إلى التفحش في القول. وكذلك إن رأيت التلويح بالامتناع عن إعطاء أخيك الأصغر حتى يتأدب فلا حرج، ولا يكون ذلك منّا محرما، طالما أنه يقابل الإحسان بالإساءة. وانظر الفتوى رقم: 21126، مع أننا نحثك على لزوم المرتبة العالية من صفات المتقين وعدم النزول إلى ما هو دونها وإن كان جائزا. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 108871.
والله أعلم.