الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس أو الولد، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ, وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ, وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ, لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم في صحيحه.
كما نهى عن الاعتداء في الدعاء، ومنه أن يدعو الإنسان على ظالمه بما هو فوق جنايته، قال القرافي في أنوار البروق في أنواع الفروق: وَحَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ فَلَا تَدْعُو عَلَيْهِ بِمُؤْلِمَةٍ مِنْ أَنْكَادِ الدُّنْيَا لَمْ تَقْتَضِهَا جِنَايَتُهُ عَلَيْك بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَيْك جِنَايَةً فَتَدْعُوَ عَلَيْهِ بِأَعْظَمَ مِنْهَا, فَتَكُونَ جَانِيًا عَلَيْهِ بِالْمِقْدَارِ الزَّائِدِ, وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.
وقد أحسنت بتوبتك إلى الله عز وجل مما وقعت فيه من الاعتداء في الدعاء.
وبخصوص خوفك من أثر هذا الدعاء فاعلمي أن الدعاء الذي فيه إثم أو قطيعة رحم لا يستجاب، كما أن الدعاء على النفس والولد حال الغضب مظنة عدم الاستجابة، قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ {يونس:11} قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفًا ورحمة.
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التواد والتراحم والتغاضي عن الهفوات، ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
والله أعلم.