الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشاهدة هذا النوع من الرسوم تفسد على النشء من المسلمين دينهم، وتشككهم في عقائدهم في الملائكة, وإن لم تكن المشاهدة في نفسها كفرًا أكبر مخرجًا من الملة ـ ما لم يعتقد الناظر ما اشتملت عليه من كفر ـ فهي محرمة، وإثم عظيم, فالملائكة عباد مكرمون, وليسوا بشرًا شاذين ينكحون الشياطين، كما قال رب العالمين: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ {الزخرف:19} وقال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ{الأنبياء:26}.
ففي مشاهدة هذه الرسوم المتحركة من ترسيخ عقائد كفرية في النشء ما فيه، هذا لو خلت من غيرها من المحاذير الشرعية العقدية، والأخلاقية التي نبهنا عليها في الفتويين : 3127، 34634, وكما تحرم مشاهدتها يحرم كذلك إنتاجها، وبيعها، وشراؤها، واستعارتها، وإعارتها؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والخطر يكمن في أن تكرار المشاهدة ـ رغم اعتقاد فساد ما فيها ـ يزيل آخر درجات الإنكار من قلب المؤمن، وهو الإنكار القلبي الذي ليس وراءه حبة خردل من إيمان كما قررنا في الفتوى رقم:135734.
وقد بينّا جملة من الضوابط الشرعية لتجويز مشاهدة الرسوم المتحركة الوافدة علينا في الفتويين السابقتين: 3127، 34634.
وقد نصّ الفقهاء على حرمة مشاهدة الحرام؛ لما فيه من إقرار له، وتعاون على الإثم والعدوان.
قال الإمام الرملي في حاشيته على أسنى المطالب: اعلم أنه يحرم التفرج على هذه الأشياء المحرمة؛ لأن فيه إعانة لهم على المعصية.
قال الشيخ منصور سبط الطبلاوي، في حاشيته على تحفة المحتاج: وكل ما حَرُم حرُم التفرج عليه؛ لأنه إعانة على المعصية.
وقال البيجرمي في حاشيته على تحفة الخطيب: وما هو حرام في نفسه يحرم التفرج عليه؛ لأنه رضًا به، كما قال ابن قاسم على المنهج.
خلاصة الفتوى: مشاهدة هذه الرسوم المتحركة وشراؤها محرم؛ لما تشتمل عليه من كفر، وقد تنتهي بصاحبها إلى الكفر إذا اعتقدها.
والله أعلم.