الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك بارة بوالدتها فنرجو أن لا يضرها دعاء الأم عليها بغير حق، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لا يستجيب دعاء من دعا بالإثم، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم.
وأما إن كانت مقصرة في حقها: فيخشى عليها من التضرر بدعائها، فقد روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
ولكنه لا يلزم من استجابة دعاء الأم على بنتها أن يصل ذلك للأحفاد.
وأما الدعاء عند الغضب الذي قد يحصل بسبب عدم تفهم الأم لتصرف بنتها: فإنه غير مستجاب ـ إن شاء الله ـ لقوله سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس: 11}.
فقد جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم، أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفًا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ" أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم. انتهى بتصرف.
هذا، وننبه على أنه لا يجوز لعن المعين من المسلمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لعن المؤمن كقتله. متفق عليه.
والله أعلم.