الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على اتصالك بنا, وعلى اهتمامك بحال المسلمين, وبوسيلة تبعدهم عن الوقوع في المعصية، ونفيدك أن التهديد بالطلاق لا يعد طلاقًا.
وأما عن الحلف بالطلاق: فقد جاء النهي في السنة عن الحلف بغير الله تعالى؛ وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليصمت. رواه البخاري.
ويشتد النهي أكثر إذا كان ذلك بالطلاق؛ لأنه من أيمان الفساق، كما ورد ذلك في حديث اختلف في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: الطلاق والعتاق من أيمان الفساق.
والحديث له شاهد، كما قال صاحب كشف الخفاء: قلت: ويؤيده معنى حديث: ما حلف بالطلاق مؤمن، ولا استحلف به إلا منافق ـ رواه ابن عساكر. انتهى. هذا فيما يتعلق بحكم الحلف بالطلاق.
وأما من ناحية وقوع الطلاق: فإذا حلف الزوج بالطلاق, وقصد إيقاع الطلاق بتحقق المحلوف عليه وقع طلاقه، وكذا يقع الطلاق ولو قصد التهديد فقط في قول جمهور الفقهاء، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من حلف بالطلاق قاصدًا مجرد التهديد، أو المنع، أو الحنث، فإنه لا يلزمه في ذلك إلا كفارة يمين, ولو تكرر ذلك، ما دام لا يقصد بحلفه إيقاع الطلاق.
هذا وننبه إلى أن ما ذكرت من الحلف بالطلاق كي تفعل الزوجة المحرمات يعتبر منكرًا شنيعًا؛ لما فيه من ارتكاب المحرم من الحلف بالطلاق بهدف تحقيق محرم آخر.
ويجب على المحلوف عليه عدم طاعة من حلف على فعل الحرام، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن تمسكت بطاعة الله تعالى من النساء, وفارقت هذا النوع من الرجال الذي يصر على الحرام, ويحلف بالطلاق على فعله سيعوضها الله خيرًا من هذا النوع من الرجال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2ـ 3 }.
وفي حديث المسند: إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه.
والله أعلم.