الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة تعليق الصور الكاملة الرأس، واحتجوا لذلك بعدة أدلة منها حديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم.
وحديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدع صورة إلا طمستها. رواه مسلم. وحديث جابر: نهى عن الصورة في البيت. رواه الترمذي وصححه. وحديث عائشة أنها نصبت ستراً فيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه. رواه البخاري ومسلم.
وقال الشربيني الشافعي ـ رحمه الله ـ في مغني المحتاج: ( و ) من المنكر أن يكون في موضع الدعوة ( صورة حيوان ) آدميا كان أو غيره، كبيرا أو صغيرا على صورة حيوان معهود كفرس أم لا كآدمي بجناحين مرفوعة كأن كانت ( على سقف أو جدار أو وسادة ) منصوبة كما في المحرر، والروضة وأصلها ( أو ستر ) بكسر المهملة بخطه معلق لزينة أو منفعة ( أو ) على ( ثوب ملبوس ) لأنه صلى الله عليه وسلم امتنع من الدخول على عائشة رضي الله تعالى عنها من أجل النمرقة التي عليها التصاوير... انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في شرح الإقناع: ويحرم تعليق ما فيه صورة حيوان، وستر الجدر به، وتصويره، وتقدم في ستر العورة، فإن قطع إنسان رأس الصورة فلا كراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس فإذا قطع فليس بصورة ـ أو قطع منها ـ أي الصورة ـ ما لا تبقى الحياة بعد ذهابه فهو كقطع الرأس كصدرها أو وبطنها، أو صورها بلا رأس، أو بلا صدر، أو بلا بطن، أو جعل لها رأسا منفصلاً عن بدنها، أو صور رأساً بلا بدن فلا كراهة؛ لأن ذلك لم يدخل في النهي، وإن كان الذاهب يبقى الحيوان بعده كالعين واليد والرجل حرم تعليق ما هي فيه، وستر الجدر به، وتصويره؛ لدخوله تحت النهي. انتهى.
وذهب المالكية إلى كراهية تعليق الصور التي لا ظل لها، وقد رجح النووي وابن حجر والشوكاني والمباركفوري في تحفة الأحوذي مذهب الجمهور.
وقد أفتى بتحريم تعليق الصور كثير من العلماء المعاصرين منهم الشيخ ابن باز والشيخ القرضاوي في الفتاوى المعاصرة، والشيخ ابن العثيمين، وعللوا ذلك بأنه قد يؤدي للتعظيم والغلو.
وبناء عليه، فعليك أن تسعي في الاتصال بالمديرة، وتبيني لها الحكم، وأن تحرصي على إقناعها بإزالة الصورة من مكتبها. فإن لم تقبل ولم تمكنك وسيلة أخرى، فما عليك إلا أن تخلصي التوبة مما حصل ونرجو أن لا تؤاخذي بما لا تقدرين عليه، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب فإنه تقبل توبته ولا يضره بقاء أثر ذنبه، ومثلوا لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها.
قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع.
والله أعلم.