الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة مطالبة شرعا بأن تحسن عشرة زوجها، ويجب عليها أن تطيعه وتراعي قوامته عليها، فإن لم تفعل فهي ناشز، وعلاج النشوز قد بينه رب العزة في كتابه، ويمكن مطالعته بالفتوى رقم: 1103.
والهجر ليس الأسلوب الوحيد لعلاج النشوز، والطلاق لا ينبغي التعجل إليه حتى تستنفد ما قبله من الوسائل، وقد لا يكون الأفضل دائما، إذ قد يكون الصبر على الزوجة أولى مراعاة لمصالح معينة، فينبغي في هذه الحالة السعي في الإصلاح، وأما إذا كان إبقاء العصمة لا تتحقق معه مقاصد الزواج: فيكون الفراق حينئذ هو الأولى، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
فينبغي إذن التريث وموازنة الأمور، ويمكن أيضا النظر في أمر الإبقاء عليها والزواج من أخرى إن كان الزوج قادرا على العدل، ومن أخطر ما ذكر في هذا السؤال عقوق هذه الفتاة لوالديها، فالواجب نصحها في ذلك وتذكيرها بالله تعالى وبعظيم حق الوالدين ووجوب برهما وعظيم خطر عقوقهما، ويمكن الاستعانة ببعض النصوص المضمنة في الفتوى رقم: 17754.
وهذا العقوق قد يكون سببا في سوء خلقها، وتعكر الحياة الزوجية، فالمعاصي قد تكون من أسباب البلاء، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
وإن كان هذا ليس بلازم، بل قد يكون الأمر مجرد ابتلاء.
والله أعلم.