الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت بقولك إن جدك قسم أمواله، تعني أنه أعطاها لهم في حياته، وملكوها، وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك قبل مماته, فإن هذه هبة, ولها حالان:
أولهما: أن يكون جدك قد ملَّكهم البيوت، والمحلات في حال صحته، أو في مرض غير مخوف, وفي هذه الحال تكون الهبة قد تمت، وصار كل واحد منهم يملك ما وُهب له، وليس لهم الحق في الاعتراض الآن، ولا المطالبة بإعادة القسمة, ولو فرض أن الجد لم يكن عادلًا في هبته بحيث فاضل الأولاد على البنات مفاضلة يختل بها العدل، فإن الهبة ماضية ما دام الواهب قد مات في قول الأئمة الأربعة.
والحال الثانية: أن يكون الجد قد ملِّكهم البيوت، والمحلات في مرضه المخوف, وفي هذه الحال تعتبر هبة في حكم الوصية, قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا. اهــ.
وإذا كانت في حكم الوصية، فإن وصيته لأولاده بالبيوت، ولبناته بالمحلات لا تصح إلا بالتراضي بينهم لكونها وصية لوارث, قال ابن قدامة في المغني: وَحُكْمُ الْعَطَايَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَقِفَ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ. الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ .... اهـــ.
وإذا تم التراضي بعد الوفاة - كما فهمناه من السؤال - فليس لأحد منهم الآن أن يطالب بإعادة القسمة، إلا إن كان لم يوافق عليها عند وفاة المورث ولا بعد ذلك، وكانت الهبة بحكم الوصية كما تقدم تفصيله.
والله تعالى أعلم.