الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليكم - إن شاء الله - في ارتكاب ما كنتم تجهلون حرمته مما يحرم على المحرم، لكن المكلف القادر على التعلم يجب عليه أن يتعلم ما يجب في حقه من فروضه العينية، ويأثم بترك تعلمه.
أما إحرامكم فباقٍ لم ينقطع، فلا تحتاجون لإحرام جديد، والواجب عليكم المضي فيه، وترك محظوراته بعد العلم, فإن استمررتم بعد العلم أثمتم وعليكم الفدية.
أما ما فعلتموه حال جهلكم بحرمته فلا فدية فيه - إن شاء الله - وهي رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل لها بما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه الوحي، ثم سُرِّي عنه، فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا، فالتُمس الرجل فجيء به، فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في العمرة كما تصنع في حجك.
قال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه: فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزع المخيط، ولم يأمره بفدية لما مضى؛ لأنه كان جاهلًا، وكذلك لم يأمره بفدية لأجل الطيب إن كان النهي عنه لأجل الإحرام. اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 111640.
والله أعلم.