الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة التي يتحدث عنها شيخ الإسلام في الفقرة المنقولة هي مسألة من شك في أثناء صلاة هل نوى أو لم ينو، أو هل كبر للافتتاح أو لا؟ ففي هذه المسألة قولان:
أحدهما: أن الصلاة لا تبطل, وإن عمل مع الشك عملًا كأن ركع، أو سجد وهو شاك هل نوى أو لا، وهذا هو القول الأول الذي اختاره ابن حامد، وعلته - كما ذكر شيخ الإسلام - أن اصطحاب حكم النية واجب في الصلاة، بمعنى أنه لا يجوز له أن ينوي قطع الصلاة وإلا بطلت، ثم يحتج على القائلين بالبطلان فيما إذا عمل مع الشك عملًا بأنهم يوافقون على أنه لو بقي ساعة يفكر هل نوى أو لا ولم يعمل عملًا فلا تبطل صلاته بذلك، فيقول الذي لا يرى بطلان الصلاة: إن هذه الساعة التي بقي يفكر فيها هل نوى أو لا جزء من الصلاة يجب عليه استصحاب النية فيه، ولا فرق عنده بين أن يشتمل هذا الجزء على عمل أو لا؛ لأن الحاصل أنه بقي في بعض صلاته غير جازم بنيته، فهذا تقرير القول الأول.
وأما من يقول بالقول الثاني: وهو البطلان فيما إذا عمل مع الشك عملًا وهو اختيار القاضي أبي يعلى من الحنابلة فتعليله واضح، فإنه يقول: إن هذا العمل جزء من الصلاة، فإذا خلا عن النية كان باطلًا، وإذا بطل بعض الصلاة بطل جميعها، ثم إن هذا الشخص كان مأمورًا ألا يعمل هذا العمل بغير نية، فإذا خالف وعمله كان آتيًا بما لا يشرع له، فبطلت صلاته، هذا تقرير المذهبين وإيضاح القولين بما يمكننا من الإيضاح.
والله أعلم.