الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم ـ أخي السائل ـ أن كل هذه الإشكالات التي ذكرتها إنما ترد عليك لاستمرارك في الاسترسال مع الوسوسة الشديدة التي ذكرت سابقًا أنك تعاني منها, وقد علمنا بالتجربة أن الاسترسال مع الموسوس وإجابته في كل ما يسأل عنه لا يزيده إلا وسوسة، ولا سيما إذا كانت الإشكالات التي عنده تخالف ما اتفق عليه العقلاء، فإذا لم تكف عن الوسوسة وتعرض عنها بالكلية، فإننا نكاد نجزم أنك ستستمر في أسئلتك, ولن يكون سؤالك هذا هو الأخير، ولن يشفيك من تلك الوسوسة, ولو أجبناك عن كل ما تسأل عنه، فاتق الله - أيها السائل - ولا تسترسل وتسلم قيادتك لوساوس الشيطان، فإنه يستدرجك بتلك الوساوس إلى استثقال العبادة، ومن ثم تركها بالكلية.
وما ذكرته من الإشكال غير وارد؛ إذ إن الكلام السابق الذي أشرت إليه في ماء الصنبور والدلو ذلك الماء وارد على نجاسة ولا يخرج منها، بينما الماء الذي تدخله إلى فمك لتطهيره من دم اللثة سيخرج ويدخل ماء غيره, وهكذا حتى يزول الدم فيحصل التطهير, فتكرار ورود الماء الذي تدخله إلى فمك لأجل تطهيره من دم اللثة سيذهب بذلك الدم, ويطهر محله, على فرض عدم زواله في المرة الأولى، وكذا الماء الذي يصب في الكوب المتنجس سيخرج ويدخل غيره حتى تزول النجاسة، فقياسك على تلك النقولات الفقهية قياس مع الفارق.
والله أعلم.