الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث قد أخرجه أبو داود في سننه، وقال الشوكاني في نيل الأوطار: رجال إسناده ثقات ـ وصححه الألباني.
وقد جاء في حديث حذيفة عند مسلم في صحيحه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ... الحديث.
وفي هذين الحديثين دليل على جواز الدعاء أثناء القراءة في الصلاة سواء في الفريضة أم النافلة، قال النووي الشافعي: قوله: يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ ـ فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها، ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد. اهـ.
وذهب بعض العلماء إلى أن الدعاء أثناء القراءة منهي عنه في صلاة الفرض دون النافلة، جاء في مرقاة المفاتيح للقاري الحنفي: وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل ـ أي رحمته ـ وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ ـ أي: بالله من عذابه ـ حمله أصحابنا والمالكية على أن صلاته كانت نافلة، لعدم تجويزهم التعوذ والسؤال أثناء القراءة في صلاة الفرض، ويمكن حمله على الجواز، لأنه يصح معه الصلاة إجماعا، ويدل عليه ندرة وقوعه. اهـ.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 61270.
والدعاء في الصلاة ليس مقتصرا على القنوت في الوتر، بل ورد الدعاء في عدة مواضع في الصلاة، قال الحافظ ابن حجر: ومحصل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من المواضع التي كان يدعو فيها داخل الصلاة ستة مواطن:
الأول: عقب تكبيرة الإحرام، ففيه حديث أبي هريرة في الصحيحين: اللهم باعد بيني وبين خطاياي ـ الحديث.
الثاني: في الاعتدال، ففيه حديث بن أبي أوفى عند مسلم أنه كان يقول بعد قوله من شيء بعد: اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد.
الثالث: في الركوع، وفيه حديث عائشة: كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. أخرجاه.
الرابع: في السجود، وهو أكثر ما كان يدعو فيه وقد أمر به فيه.
الخامس: بين السجدتين: اللهم اغفر لي.
السادس: في التشهد، وكان أيضا يدعو في القنوت وفي حال القراءة إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب استعاذ. اهـ.
والله أعلم.