الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخوة العامة التي هي أخوة الإيمان، حاصلة بين جميع الرجال والنساء كما قال الله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}.
فكل شخص أقر بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا. فهو أخ لجميع المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وله حق النصرة والنصيحة، والدعاء له، ومحبته، والتعاون معه والسلام عليه، واتباع جنازته إذا مات، وغير ذلك من الحقوق الواجبة لعموم المؤمنين، ولكن المحادثة والمخالطة بين الرجال والنساء الأجانب بحجة الأخوة في الله، من تلبيس إبليس ليوقع الإنسان في حبائله وشراكه.
وعليه، فإن هذه الأخت أجنبية عليك، ولا يصح أن تكون محرما لك، ولا يترتب على قولك المذكور إباحة للمصافحة، ولا نظر ما يحرم نظره على الأجانب، ولا تحريم الزواج بها، بل يجب التحفظ من مخالطتها والنظر إليها، والتحدث معها. وقد ثبت في الحديث الصحيح أن لجوارح الإنسان حظوظا من الزنا. فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. وفي رواية: ... والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
وأما الأحلام التي ذكرت، فنعتذر عنها؛ لأنه ليس عندنا متخصصون في تعبير الأحلام.
وأما قول المخلوق لمخلوق: أنا عبدك ولا أعبد سواك. فهذا كلام خطير، وهو من أبطل الباطل. فالعبادة لا يمكن صرفها لغير الله، ومن عبد غيره، أو اعتقد استحقاقه للعبادة فهو كافر كفرا أكبر، ولا يصح الإيمان إلا باليقين بلا إله الا الله، والكفر بما سوى الله من سائر المعبودات؛ لقول الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {محمد:19}. وقوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}. وقول النبي عليه الصلاة والسلام، كما في صحيح مسلم: من قال لا إله الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله، ودمه، وحسابه على الله.
وما دام هذا الشاب ندم على ما قال، فنرجو الله أن يحقق توبته ويقبل منه، فإن الندم توبة كما في الحديث.
والله أعلم.