الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب لا يجوز في الأصل، وفي المعاريض مندوحة عنه، فقد صح عن عمر وعمران بن حصين أنهما قالا: في المعاريض مندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد.
وإن لم يمكن تفادي حصول الضرر للجدة إلا بالكذب، فلا حرج فيه حينئذ, فقد رخص أهل العلم في الكذب إذا كان لجلب مصلحة معتبرة شرعًا، أو دفع مضرة لم يمكن دفعها بغير ذلك، مستدلين بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرًا وينمي خيرًا.
زاد مسلم قالت: ولم أسمعه ـ تعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ يرخص في شيء مما يقول الناس كذبًا إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
وقال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرمًا فيجوز في بعض الأحوال، بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه, وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا كان الكذب مباحًا، وإن كان واجبًا كان الكذب واجبًا. اهـ.
والله أعلم.