الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر ـ والله أعلم ـ أن العلم بملك سليمان ليس مما علم من الدين بالضرورة، لأن المقصود بالمعلوم من الدين بالضرورة هو ما كان ظاهرا ظهورا يشترك في معرفته الخواص والعوام، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس زمانا ومكانا، فالظاهر المشتهر في زمان، أو مكان قد يخفى في غيرهما، وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 171471.
وملك سليمان ملك عام، كما يدل له قوله تعالى: وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ {النمل:16}.
وليس خاصا بقدرته على فهم لغة الحيوانات وتسخير الله الجن والريح له فقط، فقد قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقد كان له عليه السلام من أمور الملك واتساع الدولة وكثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لأحد قبله ولا يعطيه الله أحدا بعده، كما قال: وأوتينا من كل شيء ـ وقال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب ـ وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق. اهـ.
وجاء في تفسير البغوي: وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ـ يُؤْتَى الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُلُوكُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وقال الشيخ السعدي: وأوتينا من كل شيء ـ أي: أعطانا الله من النعم ومن أسباب الملك ومن السلطنة والقهر ما لم يؤته أحدا من الآدميين... اهـ.
وأما أثر: ملك الأرض أربعة.. فقد سبق الحكم عليه في الفتوى رقم: 129122.
والله أعلم.