الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج له كثير من المقاصد الشرعية العظيمة والأهداف النبيلة، فليس على الحب وحده تبنى البيوت، كما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ فلا ينبغي للزوج أن يعجل إلى طلاق زوجته لمجرد كونه لا يحبها، خاصة وأن القلوب تتقلب، فيتحول الكره إلى حب كما تحول الحب من قبل إلى كره.
فالذي نرشد إليه أولا هو الدعاء وسؤال الرب تبارك وتعالى أن يصلح الحال، ومما ورد بهذا الشأن ما رواه أبو داود عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لى شأني كله، لا إله إلا أنت.
ثانيا: ينبغي التماس أسباب هذا الجفاء، ومعالجة كل سبب بما يناسبه، فإن كان ثمة سوء فهم أزيل، وإن غلب على الظن وجود شيء من السحر ونحوه عولج بالرقية الشرعية، وينبغي توسيط العقلاء للسعي في الإصلاح، فإن تم فالحمد لله، وإلا فليذهب كل في سبيله، فإن لم يمكن الإمساك بالمعروف فليكن التفريق بإحسان، ولعل الله ييسر لكل منهما من الأزواج الصالحين، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في تفسيره عند الكلام عن هذه الآية: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا لعذر شرعي كخوف أذاه ونحو ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 95195.
والله أعلم.