الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء لا ينافي فعل الأسباب، فالمرء يشرع له أن يدعو الله جل وعلا بأن يكفيه شر من يخافهم، ويبذل مع الدعاء الأسباب التي يتقي بها شرهم، والسلام على من تبغضه وتخاف شره ليس بمحظور، بل لعل ابتداءه بالسلام، وإبداء الخير والمودة له والإحسان إليه، تكون سببا لوقايتك من شره، فالإحسان يصير العدو وليا، كما قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34}.
وفي حديث عائشة: أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: «بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة» فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، متى عهدتني فحاشا، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره» متفق عليه، واللفظ للبخاري.
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم ينبسط إلى هذا الرجل اتقاء لشره، وقد ترجم البخاري على إحدى روايات هذا الحديث: باب المداراة مع الناس، ويذكر عن أبي الدرداء: «إنا لنكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم» .اهـ.
وراجع للفائدة الفتويين: 20343 61490 ، ففيهما ذكر للأدعية التي تشرع لاتقاء شرور الأعداء.
والله أعلم.