الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى نسأل أن يسلك بوالديك سبيل الرشد والصواب، وأن يصلح بينهما. ونوصيك بالدعاء لهما، فالدعاء من خير ما يحقق به المسلم مبتغاه، وهو السلاح المعطل عند كثير من المسلمين، والله سبحانه قد أمرنا بالدعاء؛ لأنه يحب أن يدعى، ووعدنا بالإجابة؛ قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 119608.
فمن أعظم إحسانك لوالديك إذاً الدعاء لهما، والسعي في إصلاح ذات بينهما، ويمكنك أن تستعيني في ذلك بمن لهم وجاهة عندهما، ليذكروهم بالجانب الشرعي والجانب العاطفي، ونعني به عظم آثار مثل هذا الخصام على الأبناء.
والتهاجر بين المسلمين محرم شرعا إلا في حدود ضيقة بينها الشرع، ويتأكد المنع في حق الزوجين لهذه العلاقة العظيمة التي تربط بينهما، وقد سماها رب العزة والجلال بالميثاق الغليظ كما قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، نعم يسوغ للزوج هجر زوجته عند نشوزها بضوابط معينة سبق بيانها في الفتوى رقم: 26794.
وفي المقابل يجوز في قول بعض العلماء أن تهجر الزوجة زوجها إذا كان ظالما لها، كما أوضحنا في الفتوى رقم:129984. وأما أن يكون التهاجر لأدنى سبب، ومن غير سبب شرعي يدعو إليه، فلا يجوز ذلك. وراجعي الفتوى رقم: 111050.
وعلى كل حال لا ينبغي ترك الأمر على هذا الحال، بل ينبغي السعي في الإصلاح، فإصلاح ذات البين من خير ما يتعاطاه المسلم، وقد رغب الشرع فيه أيما ترغيب، وحث عليه وبين فضله العظيم، ويمكن مطالعة بعض النصوص في هذا بالفتوى رقم: 53747. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى.
والله أعلم.