الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المؤمن أن يصلي الصلاة في وقتها لا يتعداه؛ قال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}. وعن قتادة في قوله: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا ـ قال: قال ابن مسعود: إن للصلاة وقتًا كوقت الحجِّ. رواه الطبري من طريق عبد الرزاق بسند صحيح.
فإذا علمت بطلان صلاتك، وجب عليك أن تقضيها قبل خروج الوقت، ولا يجوز أن تؤخرها لتجمعها مع ما تُجمع معه، إلا لعذر شرعي يبيح الجمع؛ وراجع الفتوى رقم: 95953
فإذا أخرتها عن وقتها، وأردت القضاء، فلا بد من النية فهي شرط لصحة الصلاة؛ ولذا فقولك: "أو في اليوم التالي أصليها مع صلاة المغرب أو العشاء بنيه واحدة.." غير صحيح في نفسه؛ فأنت حينها تصلي صلاتين إحداهما أداء، والأخرى قضاء، وبالتالي فهما نيتان، لا واحدة. بل لو نويت الصلاة، ولم تنو أداء، ولا قضاء، صحت صلاتك. قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا الْفَائِتَةُ، فَإِنْ عَيَّنَهَا بِقَلْبِهِ أَنَّهَا ظُهْرُ الْيَوْمِ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَلَا الْأَدَاءِ، بَلْ لَوْ نَوَاهَا أَدَاءً، فَبَانَ أَنَّ وَقْتَهَا قَدْ خَرَجَ وَقَعَتْ قَضَاءً مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وقال النووي في المجموع: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ. انتهى.
وأما قولك: "وأحيانا أيضا أتوضأ وأنوي صلاة، ثم أتذكر أن هناك صلاة أخرى يجب أن أقضيها أيضا، فأصليها بعدها بدون أن أكون قد نويتها عند وضوئي " فلا حرج في ذلك، ويكفيك أن تنوي عند الصلاة، ولا يلزمك أن تنوي عند الوضوء، فالمهم أن تقارن النية التكبير، أو تسبقه بيسير. قال ابن قدامة في المغني: قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيرِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ فَسَخَ نِيَّتَهُ بِذَلِكَ، لَمْ يُجْزِئْهُ. انتهى.
واحذر من الوسوسة في الوضوء، فالنية يسيرة. قال العثيمين -رحمه الله- : قال بعض العلماء: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يُطاق . فلو قيل: صَلِّ ولكن لا تنوِ الصَّلاة. توضَّأ ولكن لا تنوِ الوُضُوء؛ لم يستطع. ما من عمل إلا بنيَّة. ولهذا قال شيخ الإسلام: «النيَّة تتبع العلم؛ فمن علم ما أراد فِعْلَه فقد نواه، إذ لا يمكن فعله بلا نيَّة» ، وصَدَق رحمه الله. ويدلُّك لهذا قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّما الأعمال بالنيَّات» ، أي: لا عمل إلا بنيَّة. وراجع للفائدة الفتويين: 11267، 19102.
والله أعلم.