الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج عليك في تصديق ذلك الكافر إذا أخبرك بأنه فعل كذا أو اشترى ونحو هذا من المعاملات الدنيوية، والذي لا يقبل قوله فيه هو الديانات كاتجاه القبلة ورؤية الهلال ونحوها, جاء في الدر المختار من كتب الحنفية: وَأَصْلُهُ أَنَّ خَبَرَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ لَا فِي الدِّيَانَاتِ... اهـ.
وفي حاشية البجيرمي على الخطيب من كتب الشافعية: الْكَافِر يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ. اهـ
وكونه يحلف بالله لا يؤثر في التصديق، لأنه وإن كان مشركا فما دام قد حلف بالله ولم يحلف بغيره فإنه لا حرج في تصديقه ولا يكون مصدقه كافرا!! بل ذهب كثير من الفقهاء إلى أن يمين الكافر إذا حلف بالله يمين صحيحة منعقدة، كما بيناه في الفتوى رقم: 109475.
وصرح الفقهاء بأن حلفه عند القضاة في الحقوق هو كحلف المسلم، قال خليل ابن إسحاق المالكي: واليمين في كل حق بالله الذي لا إله إلا هو ولو كتابيا. اهـ
وقوله إنك لا تدري ما المحلوف به جوابه: أنه ما دام قد حلف بالله، فهذا تصريح منه بأنه قصد الله الخالق وحلف به ولم يحلف بعيسى، فيكفينا هذا، ولا داعي للوسوسة، ونحن نعلم من خلال الأسئلة السابقة للسائل أنه يعاني من وسوسة شديدة في موضوع الكفر وشكه في وقوع شيء منه، ونصحناه مرارا وتكرارا بعدم الاسترسال مع تلك الوساوس. فنرجو أن يكف السائل عن تلك الوساوس ويريحنا من أسئلته التي تمليها عليه وساوسه, وقد رأينا من اشتدت به الوساوس في موضوع الكفر حتى بلغ به الحال أن صار يخرج في الطريق ويصيح بأعلى صوته: أنا مسلم، أنا مؤمن ـ وفقد عقله ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فاتق الله وكف عن الوسوسة خير لك.
والله أعلم.