الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدين والنفس كلاهما من الضروريات أو الكليات الخمس التي اتفقت الشرائع السماوية وأصحاب العقول السليمة على صيانتها، وقد سبق لنا ذكر هذه الخمس وبيان ترتيبها، في الفتويين: 169691، 49522.
ومنها يعرف أن حفظ الدين مقدم على ما عداه من حيث الجملة؛ ولذلك شُرع الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وإن كان مظنة لتلف النفوس والأموال!
وأما من حيث التفصيل، فهناك فروع لا يمكن ضبطها تحت قاعدة واحدة مطردة، وهذا التفاوت يمكن ملاحظته بالنظر في أحكام الإكراه، ومراعاة حال الضرورة، كجواز النطق بكلمة الكفر حال الإكراه، وجواز تناول المحرمات في حال الاضطرار، قال تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106] وقال سبحانه: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وأما بالنسبة للحال التي ذكرها السائل: فإن كان ذلك على سبيل الظلم والعدوان فإنه يدخل في حكم دفع الصائل، وقد سبق لنا تفصيله وبيان مراتبه في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 17038، 80226، 80226.
وأما حلق اللحية فلا يجوز إلا لضرورة لا تندفع إلا بذلك، فإذا كان الضرر معنويًا - كالاستهزاء، والسخرية - أو كان الضرر شاًّقا، ولكنه متوهم لا يغلب على الظن وقوعه، فلا يجوز حلقها لأجل ذلك، فالضرر المعتبر هو ما كان مجحفًا ومحققًا، أو غالًبا.
والله أعلم.