الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأبناء الابن لا يرثون جدهم ـ والد أبيهم ـ عند وجود أعمامهم، لأن الابن يحجب ابن الابن عن الميراث حجب حرمان، ويمكن لجدهم أن يوصي لهم بشيء من ماله سواء مثل نصيب أبيهم، أو أقل، أو أكثر، والمهم أن لا يزيد الموصى به إليهم عن ثلث التركة يأخذونه بعد وفاته، وتكون وصيته لهم صحيحة واجبة التنفيذ ما دامت في حدود الثلث وليسوا وارثين، إذ الوصية بالثلث إذا كان الشخص غنيا مرغب فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اَللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ. قال الحافظ في البلوغ: رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأما الفدان الذي كتبته باسم ابنك الأكبر إن كنت كتبته على أنه يأخذه بعد مماتك، فهذه تعتبر وصية لوارث، وهي لا تمضي بعد وفاتك إلا برضا بقية الورثة، وانظر الفتويين رقم: 121878، ورقم: 170967،عن الوصية للوارث.
وإن كنت كتبته باسمه على أن يأخذه الآن في حياتك وحال صحتك، فهذه تعتبر هبة وتجري فيها أحكام الهبة، فإن قبضها في حياتك وصار يتصرف فيها تصرف المالك ورفعت أنت يدك عنها فقد تمت الهبة وصار الفدان له، إلا أنك مطالب شرعا بالعدل بين أولادك في العطية، ولا يجوز لك أن تعطي بعضهم وتحرم آخرين، لحديث النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. متفق عليه.
ويتحقق العدل بأن تعطي الأنثى مثل ما تعطي الذكر، وانظر الفتوى رقم: 112748.
ويجوز لك أن توزع أملاكك في حياتك بين أولادك وتبقي منه ما تشاء لنفسك في حياتك, وهذا التوزيع لا يسمى ميراثا، بل هو هبة ويلزمك فيها العدل كما ذكرنا, وإذا استثنيت الانتفاع بالريع إلى وفاتك فإنها حينئذ لا تعتبر هبة بل وصية، وكذا لو كتبت لزوجتك شيئا من أملاكك لتأخذه بعد مماتك فإنها تعتبر وصية لوارث وقد تقدم حكمها، وليس لك الحق أن توصي بأن يُجعل نصيب زوجتك من ميراثك لأحفادك، لأن نصيبها حقها هي تتصرف فيه كيف شاءت وأنت لك الحق بأن توصي بما تملك أنت لا بما يملك غيرك, ولا ينبغي لك أن تشغل نفسك بكيفية تقسيم تركتك وأنت ما زلت حيا فقد يتغير الحال، إذ قد يموت بعض ورثتك فتتغير القسمة, وقد كان السلف الصالح يكرهون السؤال عما لم يقع.
والله أعلم.