الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن من الاعتداء في الدعاء قولها:... أن يميت الجنين ـ فعلى تلك المرأة أن تتوب إلى الله من ذلك، كما عليها أن تحمد الله تعالى أن منّ عليها بالتوبة والستر وتكثر من العمل الصالح.
وأما عن النذر: فإنه لا ينعقد إلا بصيغة تدل على الالتزام كقولها: لله عليّ إن سترني، أو حصل كذا أن أصوم، أو إن سترني الله فقد نذرت لله أن أصوم... فإنه يلزمها، فإذا حصل ما علق عليه وجب الوفاء به على الكيفية التي نذرته بها، وإذا لم تكن فيه صيغة تدل على الالتزام فإنه لا يلزم منه شيء، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 70513، 15534، 102449.
وفي حال لزوم النذر فإنه يلزمها صوم شهر، ولكن لا يلزمها تتابع الصيام عند جمهور أهل العلم إلا إذا كانت نوته، ولها أن تصوم ثلاثين يوما متفرقة على أي كيفية تريدها، أو تصوم شهرا قمريا كاملا من بداته إلى نهايته، وفي حال نيتها للتتابع فإنه يلزمها التتابع ولكنه لا ينقطع بالعذر كالمرض.. عند كثير من أهل العلم إذا واصلت الصيام بعد زوال العذر مباشرة، وانظري الفتوى رقم: 173721، وما أحيل عليه فيها.
ومجرد مشقة الصيام في الدراسة والعمل لا تسقط وجوب الصيام وتتابعه مادامت قادرة عليه، ولا يجزئها دفع كفارة عنه إلا إذا عجزت عنه عجزا تاما لا يرجى زوله، فإنها تكفر عنه كفارة يمين، وانظري الفتويين رقم: 28918، ورقم: 135862، وما أحيل عليه فيها.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن عليها في حالة العجز التام الإطعام عن كل يوم، قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ كَانَ ـ النذر ـ صِيَامًا، فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، يَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَوْمٍ إطْعَامُ مِسْكِينٍ، وَالثَّانِيَةُ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ إطْعَامٍ وَلَا غَيْرِهِ غير الكفارة، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ـ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ جَمِيعَ كَفَّارَتِهِ وَلِأَنَّهُ نَذْرٌ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، كَسَائِرِ النُّذُورِ.
وأما قول السائلة: فهل يمكن أن يكون الحرمان من الولد بسبب عدم الوفاء بالنذر؟ فجوابه أن عدم الوفاء بالنذر مع القدرة عليه ذنب يعرض صاحبه للعقوبة في الدنيا والآخرة، ويمكن أن يكون من هذه العقوبة حرمانه من الولد، أو غير ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه السيوطي.
وانظري الفتوى رقم: 68884.
والله أعلم.