الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فيظهر لنا من هذا السؤال أن السائلة ليست سليمة العقل، وأن ما صدر منها إما أن يكون نتيجة مس من الجن، أو وسوسة شديدة أفقدتها السيطرة على عقلها وأخرجتها عن دائرة المؤاخذة بالذنب, ومن صدر منه قول أو فعل كفري وهو على تلك الحال فإنه لا يؤاخذ به, ولا يجوز لها أن تقتل نفسها بسبب ما قالته. ولو فرض أنها قالته وهي مدركة مختارة فإنها تؤاخذ به؛ ولكن إذا تابت إلى الله تعالى فإن الله تعالى يقبل توبتها وقد قال الله تعالى في الكفار { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ... } الأنفال : 38 , وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تاب تقبل توبته.
جاء في الموسوعة الفقهية: أَمَّا سَابُّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى قَبُول تَوْبَتِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُقْبَل تَوْبَةُ قَاذِفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأْصَحِّ .... وَقَال الصَّيْدَلاَنِيُّ: يُجْلَدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ؛ لأِنَّ الرِّدَّةَ ارْتَفَعَتْ بِإِسْلاَمِهِ وَبَقِيَ جَلْدُهُ .... اهـ مختصرا .
وجاء فيها أيضا: قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ سَابَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتَبَرُ مُرْتَدًّا، كَأَيِّ مُرْتَدٍّ؛ لأِنَّهُ بَدَّل دِينَهُ فَيُسْتَتَابُ ، وَتُقْبَل تَوْبَتُهُ. اهــ
ورجح الشيخ ابن باز قبول توبة ساب النبي صلى الله عليه وسلم فقال "ولكن الأرجح إن شاء الله أنه متى أبدى التوبة وأعلن التوبة ورجع إلى ربه عز وجل أن يقبل"
وقال الشيخ ابن عثيمين عن عدم قبول توبة الساب "هذا القول ضعيف؛ لأن الصواب: أن التوبة مقبولة متى صدرت على الوجه الصحيح" اهــ
فلتجتهد السائلة في دفع تلك الوساوس عنها وفي الإكثار من الأعمال الصالحة، كما ننصحها بمراجعة طبيب نفسي أو مراجعة أحد الرقاة الموثوقين في دينهم وعلمهم فقد يكون ما بها مس من الجن. ونسأل الله لها الشفاء .
والله تعالى أعلم.