الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الأغاني والاستماع إليها وأنواعها بالتفصيل، والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 5282 فنرجو من السائل الكريم الاطلاع عليها.
فإن كانت الأغاني التي تستمع إليها جدتك، وابنتها من الأغاني المحرمة، فينبغي نصحهما بترك ذلك والإقلاع عن هذه المعصية، وإخبارهما أن الاحتجاج بأنها ليست مثل النظر المحرم في الحرمة، احتجاج باطل، فعلى فرض أن الاستماع إلى هذه الأغاني من الصغائر؛ فإن الإصرار عليها يصيرها من الكبائر، فقد قال بعض السلف: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. وقال آخر: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه. رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الأرناؤوط.
وقال رجل لابن عباس: كم الكبائر؟ سبع؟ قال: هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار... رواه ابن جرير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .. ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.. رواه أحمد وصححه الألباني.
وينبغي لك أن تسلك في إنكار هذا المنكر عليهما سبيل العلم، والرفق والحلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وينبغي لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يكون فقيها قبل الأمر، رفيقا عند الأمر؛ ليسلك أقرب الطرق في تحصيله، حليما بعد الأمر؛ لأن الغالب أن لا بد أن يصيبه أذى كما قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. انتهى.
وقال رحمه الله: فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي. انتهى.
ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها أيضا تقدير المصالح والمفاسد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس لأحد أن يزيل المنكر بما هو أنكر منه، مثل أن يقوم واحد من الناس يريد أن يقطع يد السارق ويجلد الشارب، ويقيم الحدود؛ لأنه لو فعل ذلك لأفضى إلى الهرج والفساد؛ لأن كل واحد يضرب غيره، ويدعي أنه استحق ذلك، فهذا ينبغي أن يقتصر فيه على ولي الأمر. انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله، فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 183627، 131498.
والله أعلم.