الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل ما خلق الخلق إلا لعبادته، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}.
والمسلم في كل زمان ومكان يسعى لتحقيق هذه الغاية وهي العبودية لله جل وعلا، ويربي زوجته وأولاده عليها، ويدعو الناس إلى تلك الغاية ما استطاع، وفي زمن غربة الدين واشتداد العداوة له يعظم شأن الاستقامة والعبودية لله، قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: العبادة في الهرج كهجرة إلي. أخرجه مسلم.
وفي الحديث الآخر: إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم. أخرجه الطبراني، وصححه الألباني.
ونوصيك بالمحافظة على الفرائض، وخاصة الصلوات الخمس في أوقاتها، وتأمر أهلك بذلك، كما قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132}.
ونوصيك بالبعد عن المحرمات والمعاصي، لاسيما الكبائر منها، ولتحرص على تعلم أحكام دينك والاطلاع على فضائله ومحاسنه، وتربية أهلك على ذلك، ولتتخذ رفقة صالحة يذكرونك إن غفلت، ويعينونك إن ذكرت، فالفرد ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، وليلزم المسلم غرز العلماء الصادقين، وليصدر عنهم في مواقفه من الأحداث والمدلهمات التي تمس أمر المسلمين، ويعلم المؤمن أن نصر الله لعباده المؤمنين قريب، وهو آت إذا أراده الله، وتسليط الأعداء هو ابتلاء من الله له فيه حكم بالغة، فبه تتميز صفوف المسلمين، ويظهر فيه صدق المؤمنين وثباتهم، وكذب المنافقين وزيغهم، وليبذل المسلم ما يقدر عليه لنصرة دين الإسلام، ويجاهد في سبيل الله بما يطيق، بالمال والنفس واللسان، كما جاء في الحديث: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان.
والله أعلم.