الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة بتحريم ركوب المرأة مع السائق لوحدهما في الفتوى رقم: 1079، لكن إن كان هناك اضطرار من المرأة للركوب مع السائق، فإن من قواعد الشريعة أن المحرمات تباح عند الضرورة، لكن تقدر الضرورة بقدرها، وأما ما يتعلق بحق السائق حيث امتنع من المضي في العقد بعد لزومه، فقد اختلف العلماء هل يستحق نصيبه من الأجرة حينئذ أم أنه لا يستحق شيئا. قال ابن هبيرة: واختلفوا فيما إذا حول المالك والمستأجر في أثناء الشهر. فقالوا: له أجرة ما سكن إلا أحمد فإنه قال: لا أجرة له، وكذلك قال: إن تحول الساكن لم يكن له أن يسترد أجرة ما بقي، فإن أخرجته يد غالبة، كان عليه أجرة ما سكن. اهـ.
وجاء في الروض المربع: (فإن آجره شيئًا ومنعه) أي منع المؤجر المستأجر الشيء المؤجر (كل المدة أو بعضها) بأن سلمه العين، ثم حوله قبل تقضي المدة (فلا شيء له) من الأجرة؛ لأنه لم يسلم له ما تناوله عقد الإجارة، فلم يستحق شيئًا (وإن بدأ الآخر) أي المستأجر فتحول (قبل انقضائها) أي انقضاء مدة الإجارة (فعليه) جميع الأجرة؛ لأنها عقد لازم، فترتب مقتضاها، وهو ملك المؤجر الأجر والمستأجر المنافع . اهـ.
قال الشيخ ابن قاسم في حاشيته: كما لو استأجره لحمل كتاب إلى بلد، فحمله بعض الطريق، ونحو ذلك. وقاسوا من اكترى دابة فامتنع المكري من تسليمها بعض المدة - أو آجر نفسه للخدمة مدة، وامتنع من إتمامها - على بيع العقار إذا امتنع من تسليمه. وقال الموفق وغيره: يحتمل أن له من الأجر بقسطه، وأنه قول أكثر الفقهاء؛ لأنه استوفى ملك غيره، على وجه المعاوضة، فلزمه عوضه، كالمبيع إذا استوفى بعضه، وهو ظاهر كلام الشيخ - يعني : ابن تيمية -. اهـ.
فالأحوط أن تعطي السائق نصيبه من الأجرة احتياطا وإبراءا لذمتك، وخروجا من خلاف العلماء.
والله أعلم.