الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يُؤلف بين قلوب المسلين، وأن يصلح ذات بينهم، وأن يرفع من قلوبهم الغل والحسد، وأما بخصوص ما سألت عنه: فإن كون المأموم لا يرتاح إلى الإمام بمعنى لا يحبه أو لا يحب الصلاة خلفه لا يمنع صحة الاقتداء به، وراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 32539.
وكذلك ما أنتم عليه من هذه الخلافات والمناوشات لا تبطل صلاتكم وجماعتكم؛ كما في الفتوى أعلاه، لكن الشحناء والقطيعة سبب لرفع الرحمة والخير، روى البخاري عنْ عُبَادةَ بنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيُخْبِرَنا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمينَ، فَقَالَ: خَرَجْتُ لأِخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاحَى فُلانٌ وفُلانٌ فَرُفِعَتْ، وعَسَى أنْ يَكُونَ خَيْرا لَكُمْ، فالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعةِ والسَّابِعَةِ والخَامِسَةِ.
قال ابن بطال: يعني رفع علمها عنه بسبب تلاحي الرجلين، فحرموا به بركة ليلة القدر، والتلاحي: التجادل والتخاصم، يقال: تلاحى فلان وفلان تلاحيًا، ولاحى فلان فلانًا ملاحاة ولحاءً بالمد، وهذا يدل أن الملاحاة والخلاف يصرف فضائل كثير من الدين، ويحرم أجرًا عظيمًا، لأن الله تعالى لم يرد التفرق من عباده، وإنما أراد الاعتصام بحبله، وجعل الرحمة مقرونة بالاعتصام بالجماعة، لقوله تعالى: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ.
وأما ماذا يترتب علينا فعله حيال هذا الوضع؟ فالواجب هو الإصلاح بينهما، وراجع الفتويين رقم: 110977، ورقم: 60525، وتوابعهما، فقد بينا فيهما جملة من النصوص، والوسائل المعينة على الإصلاح.
والله أعلم.