كيف تتعامل البنات مع أمهن التي تسيئ إليهن

29-10-2013 | إسلام ويب

السؤال:
أمي تؤذيني أنا وأخواتي أذى شديدا، وتحرض أبناءها علينا، ونحن كأسيرات عندهم، أصبحنا نفكر في الخروج من المنزل، مع العلم أننا كبيرات، أنا اقتربت من الأربعين، لا تقولوا أمكم، وكلام الكتب، إنها امرأة شريرة، لا تخاف الله، وتغار منا غيرة شديدة، وتمثل على أولادها، وتكذب بكلام تهتز له الجبال، والمشكلة أنهم يصدقونها، ويضربوننا، ويهينوننا، ونحن نعمل طبيبات، وموظفات، ويستولون على مالنا.
أفتونا بالله عليكم. أحيانا أفكر في الانتحار ولكن خوفي من الله يمنعني.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فمهما كان حال الأم فإن لها منزلة عظيمة, وحقًّا مؤكدًا, فقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، فقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15 }. وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23 ـ 24 }.
وانظري الفتاوى أرقام: 103139، 101410، 68850.

وأما عن علاج المسألة، فننصحك أنت وأخواتك بالبر بأمِّكن على ما كان منها، وأن تكثرن من الإحسان إليها، وإلى الإخوة، وتسعين في هدايتهم وتوبتهم، ونرجو الله أن يغير نظرتهم إليكن، فيتبدل الكره والعداء محبة وقربا؛ قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34 }. 

أما عن التفكير في الانتحار فهو أمر خطير، فلا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه بحال من الأحوال مهما عظم عليه البلاء واشتد عليه الأذى، فقد قال الله تعالى: وَلاتَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً. {النساء:29}.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.

وروى الشيخان بروايات مختلفة عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جنهم.

ونوصيكن  بالمداومة على ذكر الله تعالى لا سيما بما ورد من الأدعية، والأذكار، والتعوذات المأثورة، والاستعاذة بالله من كل شر. ومن المأثور في هذا المجال قوله صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وعن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يقول في صباح كل يوم، ومساء كل يوم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. ثلاث مرات، فيضره شيء. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

و ثبت عن ابن مسعود أنه قال: إذا كان على أحدكم إمام يخاف تغطرسه أو ظلمه فليقل: اللهم رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، كن لي جاراً من فلان بن فلان، وأحزابه من خلائقك أن يفرط علي أحد منهم أو أن يطغى، عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله إلا أنت. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
وثبت عن ابن عباس أنه قال: إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو بك، فقل: الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السماوات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه من الجن والإنس، اللهم كن لي جاراً من شرهم، جل ثناؤك وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك. ثلاث مرات. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

وننصح بالالتجاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه، وسؤاله بأسمائه الحسنى أن يكشف ما بكن من ضر، فهو مجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين، ومغيث الملهوفين.

قال الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ. {النمل: 62}.

وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. {غافر: 60}.

وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل.

ومن الأدعية الجوامع التي يستجاب بها الدعاء وتحل بها المشاكل، ما في مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.

وفي سنن الترمذي من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً.

وروى أحمد وغيره عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم، ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.

وفي الأثر عن ابن عباس أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. رواه البخاري...

وفي الحديث: من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. رواه ابن السني، وصححه الأرناؤوط.

 ونرشدكن  في الأخير إلى الزواج فهو سبيل  للخروج من  هذا البيت, واعلمن أنه يشرع  للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم:108281. والفتوى رقم: 7682.  

والله أعلم.

 

www.islamweb.net