الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث قد روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه، ولا يصح منها شيء، فقد أخرج الطبراني في المعجم الأوسط عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر. قال الهيثمي: وفي إسناده ضعيف غير متهم بالكذب ـ وضعفه الألباني.
وأخرج الطبراني في الأوسط كذلك، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع قبل الظهر كعدلهن بعد العشاء وأربع بعد العشاء كعدلهن ليلة القدر. قال الهيثمي: فيه يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف جدا ـ وضعفه الألباني.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير، عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى أربع ركعات خلف العشاء الأخيرة قرأ في الركعتين الأوليين: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وفي الركعتين الأخريين: تنزيل السجدة، وتبارك الذي بيده الملك كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر. قال الهيثمي: فيه يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ضعفه أحمد وابن المديني وابن معين، وقال البخاري: مقارب الحديث وثقه مروان بن معاوية، وقال أبو حاتم: محله الصدق وكانت فيه غفلة ـ وضعفه الألباني.
وأخرجه الطبراني في الأوسط، عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى قبل الظهر أربع ركعات كمن تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كمثلهن من ليلة القدر. وقال الهيثمي: فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ولم أجد من ذكرهم ـ وضعفه الألباني.
لكن هذا الحديث قد روي موقوفا من كلام جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فعن عبد الله بن عمرو، قال: من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أربع بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر.
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: من صلى أربعا بعد العشاء لا يفصل بينهن بتسليم، عدلن بمثلهن من ليلة القدر.
أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة في كتابه المصنف، وصححها الشيخ الألباني، وقال: وهي وإن كانت موقوفة، فلها حكم الرفع لأنها لا تقال بالرأي، كما هو ظاهر. اهـ.
والله أعلم.