الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقراض مع اشتراط فائدة، محرم بلا ريب، ولا خلاف في ذلك أصلا.
قال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وانظر الفتوى رقم: 21328
وعلى ذلك؛ فالواجب على أخيك رد الفوائد الربوية للتاجر؛ لأنها ماله وقد أخذت منه بغير حق، وهو شخص معلوم لأخيك.
قال ابن رشد في مقدماته: وكذلك من أربى ثم تاب، فليس له إلا رأس ماله، وما قبض من الربا وجب عليه أن يرده إلى من قبضه منه، فإن لم يعلمه تصدق به عليه؛ لقول الله عز وجل: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 279] الآية. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 73302
فإذا وهبها التاجر له بعد ذلك، فلا حرج عليه في قبولها على الراجح؛ حيث إن هذه الفوائد حق للتاجر، وماله في حقيقة الأمر، فله أن يتصرف فيها بالهبة وغيرها، وحيث إنه قد وهبها إليه بعد إلغاء الشرط الربوي، أشبه ما لو بدأ بذلك دون شرط.
قال في زاد المستقنع: ويحرم كل شرط جر نفعا، وإن بدأ به بلا شرط، أو أعطاه أجود، أو هدية بعد الوفاء جاز.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن أقرضه مطلقا من غير شرط, فقضاه خيرا منه في القدر, أو الصفة, أو دونه, برضاهما, جاز. وكذلك إن كتب له بها سفتجة, أو قضاه في بلد آخر, جاز . ورخص في ذلك ابن عمر, وسعيد بن المسيب, والحسن, والنخعي, والشعبي, والزهري, ومكحول, وقتادة, ومالك, والشافعي, وإسحاق. وقال أبو الخطاب: إن قضاه خيرا منه, أو زاده زيادة بعد الوفاء من غير مواطأة, فعلى روايتين. وروي عن أبي بن كعب, وابن عباس, وابن عمر, أنه يأخذ مثل قرضه, ولا يأخذ فضلا; لأنه إذا أخذ فضلا كان قرضا جر منفعة. ولنا, أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا, فرد خيرا منه. وقال : { خيركم أحسنكم قضاء }. متفق عليه. وللبخاري : { أفضلكم أحسنكم قضاء }. ولأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض, ولا وسيلة إليه, ولا إلى استيفاء دينه, فحلت, كما لو لم يكن قرض.
والله أعلم.