الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رسم الزهور والورود مباح عند الجمهور، قال ابن عبد البر: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الصورة المكروهة في صنعتها واتخاذها ما كان له روح، وحجتهم حديث القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون يقال لهم أحيوا ما خلقتم ـ ففي هذا دليل على أن الحياة إنما قصد بذكرها إلى الحيوان ذوات الأرواح.. وعن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال: إني أردت أن أنمي معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير؟ فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، سمعته يقول: من صور صورة فإن الله معذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبداـ قال: فكبا لها الرجل كبوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذه الشجر وكل شيء ليس فيه روح ـ وقد كان مجاهد يكره صورة الشجر وهذا لا أعلم أحدا تابعه على ذلك. اهـ.
و قال النووي: وأما الشجر ونحوه ممالا روح فيه: فلا تحرم صنعته ولا التكسب به، وسواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه، قال القاضي: لم يقله أحد غير مجاهد، واحتج مجاهد بقوله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي ـ واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: ويقال لهم أحيوا ما خلقتم ـ أي اجعلوه حيوانا ذا روح كما ضاهيتم، وعليه رواية، ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي ـ ويؤيده حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ المذكور في الكتاب: إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له. اهـ.
وأما التسريح للشعر: فهو من أمور العادات التي لا يحرم منها الا ما كان خاصا بالكفار، وأما ما انتشر بين الناس فلا يحرم بسبب فعل الكفار له ولا تحرم الربطات بسببه ولا يحرم ما فيه دائرة ولا مثلث ولا شيء من الألبسة مهما كان لونها، لأن الناس كلهم يشتركون في هذه الألوان، فقد قال الحافظ في الفتح: وإن قلنا النهي عنها: أي عن المياثر الأرجوان ـ من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة. اهـ.
وجاء في مجموع فتاوى ابن عثيمين: مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئًا من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإنه لا يكون تشبهًا، فلا يكون حرامًا من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرمًا من جهة أخرى. اهـ.
وأما ما فيه الحرف الإنجليزي ـ t ـ فقد أجبناك عنه سابقا فننصحك بالبعد عن الوسوسة في هذه الأمور وبعدم الاسترسال مع الشيطان فيها.
والله أعلم.