الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن إنكار المنكر من الواجبات، للأدلة الكثيرة الدالة على ذلك، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. أخرجه مسلم.
قال النووي: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فليغيره ـ فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم، كما قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين لا يكترث بخلافهم في هذا، فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء... ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو كمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف .اهـ.
وما دام المنكر باقيا فوجوب إنكاره قائم، قال الشيخ سليمان الماجد: فإن مقصود الشريعة من الحسبة تغيير المنكر إلى المعروف، ولهذا ثبت في الحديث مرفوعا: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده.. رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري، فعليه متى غلب على ظنه أن المنكر يتغير بتكرار الإنكار وجب عليه ذلك، ما لم يفض إلى حرج، ولا ينبغي أن يكون في هذا خلاف. اهـ.
وتكرار الإنكار لا تقييد له بعدد معين من المرات، وإنما يجب الإنكار بحسب الوسع والقدرة، ورجاء المصلحة منه، وعليه فينبغي لك منصاحة عمك مرة أخرى بالكف عن الاختلاط بوالدتك، ومناصحة والدتك كذلك بألا تبدي زينتها لعمك، مع الدعاء لهما بالهداية والسداد، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 119075.
والله أعلم.