الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند الشك في هذه الإفرازات هل هي خارجة من مخرج البول، أو من مخرج الولد؟ لا يحكم بخروجها من مخرج البول؛ وانظري الفتوى رقم: 111103. ولتفصيل القول في حكم هذه الإفرازات انظري الفتوى رقم: 110928.
ولا ينتقض الوضوء بمجرد الشك، فإذا شككت في خروج هذه الإفرازات حتى لو غلب على ظنك خروجها، فالأصل عدم خروجها حتى يحصل لك اليقين الجازم بانتقاض الطهارة.
قال النووي: من تيقن الطهارة وشك فِي الْحَدَثِ، بَنَى عَلَى يَقِينِ الطَّهَارَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ سَوَاءٌ حَصَلَ الشَّكُّ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا. هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.... * وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ... قَالَ أَصْحَابُنَا: وَسَوَاءٌ في الشك استوى الاحتمالان عِنْدَهُ، أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ سَوَاءٌ.. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْوُضُوءَ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْحَدَثُ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْوُضُوءِ. انتهى.
ثم إذا وجدت شيئا من الرطوبات أو غيرها، فإنها تضاف إلى أقرب زمن يحتمل حصولها فيه؛ وانظري الفتوى رقم: 138675.
وبما قدمناه تعلمين أنه لا إثم عليك في مس المصحف والحال ما ذكر؛ لأن الأصل بقاء طهارتك، ثم لو تيقنت الحدث بعد ذلك، وتيقنت أنك كنت أحدثت قبل أن تمسي المصحف، فنرجو ألا إثم عليك؛ لعدم تعمدك مس المصحف محدثة؛ وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
ومن رحمة الله بهذه الأمة أنه تجاوز لهم بفضله عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
والله أعلم.