الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يخفى على مسلم غيور ما في الإقامة في بلاد الكفار من مفاسد، وأخطار محدقة على الدين، والأخلاق، والقيم؛ ولينظر في ذلك الفتوى رقم: 2007. وقد أخبرنا الله تعالى بعداوة الشيطان قديما فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}. فعليك أن تغالب الشيطان بالاستغفار والتوبة، والصدقة، والصحبة الصالحة، والمكاسب الطيبة الحلال، وإخلاص العبادة لله جل وعلا.
أما العمل في شركات تركيب آلات تغليف السجائر، فعمل محرم؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان؛ وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وراجع الفتاوى أرقام: 25431، 117253، 24838، 10500.
فإذا تقرر هذا، فالمال الذي اكتسبته من هذا العمل، الأصل فيه الحرمة؛ لحرمة سبب اكتسابه وهو مباشرة العمل المحرم، وقد قال النّبيّ ـ صَلَى اللّه عليه وسَلّم ـ :إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه. رواه الدراقطني، وصححه الألباني.
والمال الحرام مصرفه المصالح العامة للمسلمين، وكذا المحتاجون من المسلمين الفقراء منهم والمساكين، وهو ما قررناه في الفتويين: 46756 ، 107680. ولاشك أن أولي الأرحام أولى بذلك من غيرهم، لكن يعطى لهم بنية التخلص من المال الحرام، لا بنية الصدقة؛ لأن الله لايقبل إلا طيبا، ولا يلزمك إخبارهم أنه مال خبيث كما قررناه في الفتوى رقم: 41972، وما أحيل عليها فيها.
أما ما أنفقته على نفسك وأهلك من ذلك المال الخبيث قبل بلوغ الفتوى، فلا يلزمك إخراج مثله إن شاء الله، وهو ما قررناه في الفتوى رقم: 29989.
والله أعلم.