الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمكذبين في الآية الأولى معناها أنهم كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله، ومعنى الآية كما جاء في أيسر التفاسير للجزائري: فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ـ هذا أمرٌ لكفار قريش المجادلين بالباطل المحتجين على شركهم وشرعهم الباطل أمرٌ لهم أن يسيروا في الأرض جنوباً أو شمالاً فينظروا كيف كانت عاقبة المكذبين أمثالهم من أمة عاد في الجنوب، وثمود في الشمال، ومدين ولوط وفرعون في الغرب.
وأما: كاذبين ـ فمعناها أنهم كاذبون بقولهم في الدنيا: لا يبعث الله من يموت ـ قال ابن كثير في تفسيره: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ـ أَيْ: فِي أَيْمَانِهِمْ وَأَقْسَامِهِمْ: لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، وَلِهَذَا يُدَعُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا، وَتَقُولُ لَهُمُ الزَّبَانِيَةُ: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ـ والعلم في الآخرة علم يقين ومعاينة، ولكن بعد فوات الأوان.
وبذلك تعلم الفرق، وأن المكذبين في الآية الأولى جاءت في سياق أمر الله لكفار قريش أن يسيروا في الأرض بأبدانهم وقلوبهم في هذه الدنيا ليعرفوا عاقبة أمثالهم من المكذبين لرسل الله تعالى، وفي الآية الثانية توبيخ لهم يوم القيامة ولمن ينكر البعث ويقول في هذه الدنيا: لا يبعث الله من يموت.
والله أعلم.