الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا لحرصك على رضا أبيك عنك، ونسأله سبحانه أن يوفقك لذلك، فإنه باب عظيم، فإن النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم قال: رِضَا اللهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْن. رواه الترمذي, وحسنه الألباني - كما في صحيح الترغيب والترهيب -.
ولا نعلم سبيلًا معينًا لمعرفة ما إذا كان أبوك راضيًا عنك بعد موته أم لا, ولكن يمكن أن تنظر حالك معه قبل موته، فإن كنت به بارًا فذلك يقتضي أن يكون قد مات عنك راضيًا، فبرّ الولد ورضا الوالد متلازمان غالبًا، كما أن عقوق الولد وسخط الوالد متلازمان غالبًا, فالموت لا يحيل رضاه سخطًا, ولا العكس, وإنما كلفت بما تعلم, والبرزخ من عالم الغيب, فلا سبيل لمعرفة أحوال أهله إلا بخواتيمهم غالبًا.
هذا, واعلم أن برك به لا ينقطع بموته, فقد قال صلى الله عليه وسلم: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رواه مسلم ، ومن بره صلة أهل وده, فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن أبر البر أن يصل الرجل أهل وُدِّ أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم, وابن حبان, واللفظ له.
فإذا قصرت في بره حيًّا: فتب, ولا تقصر في بره ميتًا، فلعل الله يرضيه عنك بحسن تعاهدك لبره بعد موته, ولمزيد معرفة ما ينبغي للولد فعله بعد موت أبيه انظر الفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.