الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط الغيبة المحرمة أن تكون عن شخص معلوم، فإن كان الكلام عن شخص مجهول، فلا يعتبر ذلك من الغيبة المحرمة.
جاء في شرح مسلم للنووي - في كلامه على حديث أم زرع - : قال المازري: قال بعضهم: وفيه أن هؤلاء النسوة ذكر بعضهن أزواجهن بما يكره، ولم يكن ذلك غيبة؛ لكونهم لا يعرفون بأعيانهم أو أسمائهم، وإنما الغيبة المحرمة أن يذكر إنسانا بعينه، أو جماعة بأعيانهم. قال المازري: وإنما يحتاج إلى هذا الاعتذار لو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمع امرأة تغتاب زوجها وهو مجهول، فأقر على ذلك. وأما هذه القضية فإنما حكتها عائشة عن نسوة مجهولات غائبات، لكن لو وصفت اليوم امرأة زوجها بما يكرهه، وهو معروف عند السامعين، كان غيبة محرمة. فإن كان مجهولا لا يعرف بعد البحث، فهذا لا حرج فيه عند بعضهم كما قدمنا، ويجعله كمن قال في العالم من يشرب، أو يسرق. قال المازري: وفيما قاله هذا القائل احتمال. قال القاضي عياض: صدق القائل المذكور، فإنه إذا كان مجهولا عند السامع ومن يبلغه الحديث عنه، لم يكن غيبة؛ لأنه لا يتأذى إلا بتعيينه. قال: وقد قال إبراهيم: لا يكون غيبة ما لم يسم صاحبها باسمه، أو ينبه عليه بما يفهم به عنه.اهـ.
وفي ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين للدكتور أحمد القاضي: سألت شيخنا رحمه الله: ما صحة هذه العبارة "لا غيبة لمجهول" ؟
فأجاب: هي ليست حديثاً. ولكن معناها صحيح، بشرط أن لا يفضي ذلك إلى البحث عنه، وإمكان التعرف عليه.اهـ.
وكنا قد بينا ذلك من قبل فراجع فيه الفتوى رقم: 18728
وأما الذين يشاركون في المنتديات بأسماء مستعارة: فإن كانت تعرف أعيانهم للسامع، فالمتكلم فيهم بما يكرهون قد وقع في الغيبة المحرمة، وأما إن كانوا مجهولين لا تعرف أعيانهم للسامع، فالكلام فيهم ليس من الغيبة المحرمة.
والله أعلم.