الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنك لست على صواب فيما تفعلينه من إبعاد الصبي المذكور خوفًا من أن يكون به نجاسة, فالأصل طهارة جسمه حتى تثبت النجاسة يقينًا, جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين: بارك الله فيكم, أبو عبد الله من القصيم يقول: إذا خرج الإنسان من دورة المياه ووضع الحذاء عند باب الحمام, ثم دخل الغرفة حافيًا, مع العلم بأن الأطفال يحصل منهم نجاسة فهل يؤثر ذلك؟
فأجاب - رحمه الله تعالى -: لا يؤثر ذلك شيئاً, أي أن مشي الأطفال على الأرض والفرش لا يستلزم نجاستها؛ لأن الشك لا يزول به اليقين, واليقين هو أن هذه الأرض أو هذا الفرش طاهرة, فإذا شك الإنسان هل أصابتها نجاسة أم لم تصبها فإنها لا تكون نجسة, بل هي طاهرة حكماً, ولا ينبغي للإنسان أن يوقع الشك في نفسه في مثل هذه الأمور؛ لأنه إذا أوقع الشك في نفسه فربما يتطور هذا الشك حتى يكون وسواساً يعجز عن التخلص منه, وقد ذكر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مر على صاحب حوض وأصابه هو وصاحب له من هذا الحوض, فطلب صاحبه من صاحب الحوض أن يبين له هل هو نجس أم طاهر؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض, لا تخبرنا. هذا الأثر أو معناه, وهذا يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتنطع فيما الأصل فيه الاباحة, أو الأصل فيه الطهارة, بل يبقى على الأصل حتى يزول هذا الأصل بيقين, ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحس بالشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال - عليه الصلاة والسلام-: لا يخرج - يعني من المسجد - حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحًا) وهذه إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البناء على الأصل, وهو الطهارة. انتهى
ونحذر السائلة من الوقوع في الوساوس, فإن خطرها جسيم, وأنفع علاج لها هو الإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها.
والله أعلم.