الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفع قيمة الطعام، أو الكسوة عند جمهور العلماء ومن بينهم الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد- رحمهم الله تعالى ـ وحيث إن السائل قد دفعها قيمة بنية الكفارة-اتباعاً لمذهب الإمام أبي حنيفة، ومن وافقه-، فإن ذلك يجزئه ـ إن شاء الله تعالى ـ فقد أجاز أبو حنيفة إخراجها قيمة، وأجاز ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية للحاجة والمصلحة. وعليه، فلا تطالب بإعادة إخراجها مرة أخرى إلا إذا كنت تريد أن تتصدق على الفقراء فلك الأجر في ذلك؛ وللفائدة انظر الفتويين: 102924، 131249.
وقد بينا بالفتوى رقم: 113131 أنه لا يلزم المزكي إعلام الآخذ أنها زكاة، إلا إذا كان يمتنع من قبولها، فكذلك الحال بالنسبة لكفارة اليمين لا يلزم إخبار المسكين بحقيقتها.
وقد بينا بالفتوى رقم: 139330 أن الاجتزاء بنية الموكل، وعدم اشتراط نية الوكيل أقرب القولين للصواب؛ وذلك لأن الموكل هو المخاطب بالعبادة، فاشترطت نيته دون نية الوكيل، وعليه فإذا كانت هذه المرأة تدفع المال الذي وكلت في دفعه إلى المستحقين فقد برئت ذمتك، وأجزأتك نيتك المتقدمة، ولكن الأولى أن تُعلمها، وتنبهها على النية عند الدفع للمستحق خروجا من خلاف من أوجب ذلك من العلماء.
والكفارة مثل الزكاة في ذلك؛ لأن كليهما عبادة تفتقر إلى النية.
قال ابن قدامة في الكافي: ولا تجزئ كفارة إلا بالنية، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ولأنه حق يجب على سبيل الطهرة، فافتقر إلى النية كالزكاة.
وقال المرداوي في الإنصاف: لو قال شخص لآخر: أخرج عني زكاتي من مالك، ففعل: أجزأ عن الآمر, نص عليه في الكفارة, وجزم به جماعة منهم المصنف في الزكاة. واقتصر عليه في الفروع. قال في الرعاية بعد ذكر النص: وألحق الأصحاب بها الزكاة في ذلك. انتهى.
والله أعلم.