الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في إمامة الألثغ لمن هو أفصح منه، والراجح عندنا أن الألثغ لا تصح إمامته إلا بمن هو مثله، وهو قول جمهور العلماء. وانظر الفتوى رقم: 219790 وما أحيل عليه فيها.
وعلى القول بعدم الصحة، فقد اختلف العلماء في العذر بالجهل. وانظر الفتويين: 102542 ، 123136 وما أحيل عليه فيهما.
والأحوط إعادة تلك الصلاة، إلا أن القول بالبطلان لا يستلزم الإثم، ومن ثم فلا إثم على إمامكم؛ حيث أبطل صلاتكم جهلا. وأما صلاته هو فتبطل كذلك إن لم يكن في المأمومين من يصلح ائتمامه به؛ لكونه قد نوى الإمامة بمن لا يصح أن يؤمه، فإن كان في المأمومين من هو مثله، فصلاته صحيحة؛ لأنه نوى الإمامة بمن يصح أن يأتم به.
ففي الفروع لابن مفلح : وكذا إن نوى إمامة من لا يصح أن لا يؤمه: كامرأة تؤم رجلا، لا تصح صلاة الإمام, في الأشهر, وكذا أمي قارئا. اهـ.
لكن إن كان الإمام جاهلا بالحكم. فهل يعذر بذلك، وتصح صلاته أم لا؟ فيه خلاف كما سبق. وعلى فرض أن المأمومين معك كانوا لا يرون العذر بالجهل في تلك المسألة، فإن أصل المسألة (وهو عدم صحة إمامة الألثغ لمن هو أفصح منه) مختلف فيه كما سبق، وإنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه، فعلى ذلك لا يلزمك سؤالهم لإعادة الصلاة، فضلا عن البحث عن أناس لا تعرفهم.
وأما إمامة الألثغ بمثله فاختلف العلماء في المراد بتلك المثلية هل هي في الحرف المعجوز عنه فقط أم في الإبدال أيضا؟ فالأول قول الشافعية، والثاني هو الظاهر عند الحنفية.
ففي حاشية ابن عابدين: يحتمل أن يراد المثلية في مطلق اللثغ، فيصح اقتداء من يبدل الراء المهملة غينا معجمة بمن يبدلها لاما, وأن يراد مثلية في خصوص اللثغ, فلا يقتدي من يبدلها غينا إلا بمن يبدلها غينا, وهذا هو الظاهر كاختلاف العذر.
وفي حاشية الجمل: ( قوله بمثله ) أي في الحرف المعجوز عنه, وإن لم يكن مثله في الإبدال كما لو عجزا عن الراء, وأبدلها أحدهما غينا, والآخر لاما بخلاف عاجز عن راء بعاجز عن سين, وإن اتفقا في البدل؛ لأن أحدهما يحسن ما لا يحسنه صاحبه. اهـ.
وعموما فحيث إن الأمر قد وقع وانقضى، وحيث إننا لا نجد دليلا واضحا في المسألة فلا نلزمك بالإعادة، لكن ننصحك بمراعاة ذلك مستقبلا.
قال ابن عثيمين رحمه الله: كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة، أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل، يفرقون بين الشيء إذا وقع، وبين الشيء قبل وقوعه، فيقولون: قبل الوقوع نأخذ بالأحوط، وبعد الوقوع نأخذ بالأحوط أيضا، وهو عدم إفساد العبادة، أو عدم التغريم، أو ما أشبه ذلك. الشرح الممتع.
والله أعلم.