الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففيما يتعلق بالسؤال الأول، ننصحك بأن تسألي عن هذا الرجل من يعرفونه من الثقات، فلا ينبغي الاكتفاء بما يظهر من حاله، روى مسلم عن فاطمة بنت قيس- رضي الله عنها- أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد. رضي الله عن الصحابة أجمعين.
وإذا تبين لك أن فيه من الصفات ما يجعله أهلا للزواج فاستخيري الله، ولا بأس بأن تكرري الاستخارة، ففي ذلك تمام التوفيق إلى ما فيه الخير. ولا تلتفتي إلى أي وساوس قد تعيق هذا الزواج، خاصة وأنك قد تقدمت بك السن شيئا ما.
وأما السؤال الثاني، فجوابه أن أختك هذه على خطر عظيم - إن صح ما ذكرته عنها - فهذه المخادنة من أفعال الجاهلية، وإذا كان هذا الرجل يعاشرها معاشرة الأزواج فهما زانيان، ولا عبرة بما قاله لها من أنها زوجته أمام الله وأمام الناس، فالزواج في الإسلام له شروطه، ومن أهمها إذن الولي، وحضور الشهود. وانظري الفتوى رقم: 1766.
وعلى أي حال فيجب على أبيك الإنكار عليها وتخويفها بالله، والحزم معها والأخذ على يديها، والحيلولة بينها وبين ذلك المنكر؛ وإلا كان ديوثا، والديوث هو الذي يقر الخنا في أهله كما بينا في الفتوى رقم: 56653. وإذا رجي أن يكون الهجر رادعا لها، فلتهجر.
وبالنسبة لأموالها، فإن كان لها مال حصلت عليه من هذا الرجل بسبب هذه العلاقة، فهو مال حرام ، وحائز المال الحرام لا يجوز الانتفاع بشيء من ماله الحرام. وأما من كان ماله مختلطا من الحلال والحرام ففيه تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم: 6880. هذا مع العلم بأن أختك إن كانت تحصل على مال من هذا الرجل بسبب هذه العلاقة فهو سحت وباطل؛ وراجعي الفتوى رقم: 57809.
والاضطرار إلى الانتفاع بالمال الحرام يرتفع معه الإثم، ولكن لهذه الضرورة ضابط ذكره العلماء، وقد بيناه في الفتوى رقم: 140432. فلا يجوز لك الانتفاع بشيء من مال أختك المحرم لأدنى سبب بدعوى الاضطرار. وليس في امتناعك عن الانتفاع به إثم وقطيعة رحم، بل تؤجرين على ذلك إن تركته ابتغاء مرضاة الله.
وإذا دفعت إليك أختك شيئا من المال الحرام، أو هدية ولا تزال عندك، فالواجب عليك التخلص من ذلك كله بإنفاقه على الفقراء والمساكين، وإن كنت فقيرة فلا جناح عليك إن أخذت منه بقدر الحاجة كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 18727.
والله أعلم.