الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي التنبيه أولًا إلى أن العبارة المذكورة في التفاؤل ليست حديثًا نبويًا, كما هو شائع عند الناس؛ فقد قال الألباني رحمه الله: ولا أعرف له أصلًا. اهـ.
والتفاؤل بالخير مشروع؛ لما ثبت في سنن ابن ماجه، ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة. وفي رواية: يحب الفأل الحسن.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: .. وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال ... اهـ.
وبهذا يعلم أنه ينبغي التفاؤل دائمًا بتيسير الأمور, وحصولها من دون صعوبة، مع الاستعانة بدعاء الله تعالى: ويسر لي أمري.
ولا ينبغي أن يسعى المرء للصعب من الأمور مما قد لا يطيقه، فقد نهى الشرع عن تمني البلاء، وأمر بالاستعاذة من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وأمر بسؤال الله العافية, كما في قوله عليه الصلاة والسلام: أيها الناس, لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا. رواه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. رواه البخاري.
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
قال النووي: فأما الاستعاذة من سوء القضاء فيدخل فيها سوء القضاء في الدين, والدنيا، والبدن, والمال، والأهل, وقد يكون ذلك في الخاتمة.
وأما درك الشقاء: فيكون أيضًا في أمور الآخرة والدنيا، ومعناه: أعوذ بك أن يدركني شقاء.
وشماتة الأعداء هي: فرح العدو ببلية تنزل بعدوه، يقال منه: شمت بكسر الميم، وشمت بفتحها فهو شامت، وأشمته غيره.
وأما جهد البلاء: فروي عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال، وكثرة العيال, وقال غيره: هي الحال الشاقة. اهـ.
والله أعلم.