الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا المسألة في الفتويين رقم: 24506، ورقم: 57114، فراجعيها.
وجمهور أهل السنة على أن المقصود جنة الخلد، وتفسير الآية بما نقلته: تدني الدرجة... بعيد، إذ هو حمل على خلاف الظاهر، فضلاً عن كونه خلاف المنقول عن السلف في تفسير الآية، وراجعي تفسير الطبري، وزاد المسير، وتفسير ابن كثير، ونختصر لك جملة من ذلك، فنقول: قال ابن كثير: وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، قال: خرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنا من شجر الجنة، على رأسه تاج من شجر الجنة وهو الإكليل من ورق الجنة، وقال السدي: قال الله تعالى: اهبطوا منها جميعا ـ فهبطوا فنزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة فبثه بالهند، فنبتت شجرة الطيب، فإنما أصل ما يجاء به من الهند من الطيب من قبضة الورق التي هبط بها آدم، وإنما قبضها آدم أسفا على الجنة حين أخرج منها، وقال عمران بن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أهبط آدم من الجنة بدحنا، أرض الهند...... وقال عبد الرزاق: قال معمر: أخبرني عوف عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى، قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض، علمه صنعة كل شيء، وزوده من ثمار الجنة فثماركم هذه من ثمار الجنة، غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير. انتهى.
فهذا هو الذي فهمه السلف من الآية أنه الإهباط من الجنة، وقد تعبدنا الله بفهم السلف للقرآن الكريم، فقال: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {البقرة:137}.
كما أنه الموافق لظاهر الآية من حيث العربية، قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: الهبوط: الانحطاط من علو إلى سفل.
والله أعلم.