الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأسلوب من عبارات المناطقة والمتكلمين، فالوجودي منسوب للوجود، والمراد به المكان الموجود. وأما العدمي فهو منسوب للعدم، ويراد به النسبة لما كان غير موجود حقيقة.
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية: وكذلك الكلام في لفظ الجهة، فإن مسمى لفظ الجهة يراد به أمر وجودي كالفلك الأعلى، ويراد به أمر عدمي كما وراء العالم، فإذا أريد الثاني أمكن أن يقال كل جسم في جهة، وإذا أريد الأول امتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر. فمن قال: الباري في جهة، وأراد بالجهة أمراً موجوداً، فكل ما سواه مخلوق له. ومن قال إنه في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ، وإن أراد بالجهة أمراً عدمياً وهو ما فوق العالم، وقال إن الله فوق العالم فقد أصاب، وليس فوق العالم موجود غيره، فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات، وأما إذا فسرت الجهة بالأمر العدمي فالعدم لا شيء، وهذا ونحوه من الاستفسار وبيان ما يراد باللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه. انتهى.
وأما أصول الفقه فهو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية -وليس التفصيلية- وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد، والمراد بالإجمالية، القواعد العامة مثل قولهم: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والصحة تقتضي النفوذ، فخرج به الأدلة التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة.. والمراد بـ (كيفية الاستفادة منها)، معرفة كيف يستفيد الأحكام من أدلتها بدراسة أحكام الألفاظ ودلالاتها من عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد، وناسخ ومنسوخ وغير ذلك، فإنه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها.. والمراد بـ (حال المستفيد) معرفة حال المستفيد وهو المجتهد، سمي مستفيداً لأنه يستفيد بنفسه الأحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد، فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك يبحث في أصول الفقه.
والله أعلم.