الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقّ الزوج على زوجته عظيم، وقد جعل الله له القوامة عليها، ولذلك أوجب على المرأة طاعة زوجها، لكنها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة، فهي لا تكون فيما خالف الشرع، ولا تكون فيما يضر بالمرأة أو يحمّلها فوق طاقتها؛ وراجعي الفتوى رقم: 144069.
وعليه فلا حق للزوج في منع امرأته من فعل مباح لا يضيع حقا من حقوقه، فليس له منعها من أكل ما تريد من الحلال، إلا إذا كان يمنعه من الاستمتاع بها، كأكل ما له رائحة كريهة، مع أن في هذا الحكم عند أهل العلم خلافا.
قال ابن قدامة –رحمه الله-: وهل له منعها من أكل ما له رائحة كريهة، كالبصل والثوم، والكرات؟ على وجهين؛ أحدهما: له منعها من ذلك؛ لأنه يمنع القبلة، وكمال الاستمتاع. والثاني: ليس له منعها منه؛ لأنه لا يمنع الوطء. المغني لابن قدامة.
وليس له منعها من لبس ما يباح لها في غيبته، وليس له أن يجبرها على الخروج للكسب، ولو شرط عليها ذلك في العقد؛ لكن من حقه منعها من الخروج للكسب أو غيره، ولو كان خروجها لعمل أو غرض مباح وليس فيه ما يخالف الشرع، أو يخل بحق الزوج، وذلك أن من حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته ولا تخرج منه إلا بإذنه، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه في العقد أن يأذن لها في الخروج للعمل، ولم يكن في خروجها مخالفة شرعية، فلا حقّ له حينئذ في منعها، فإنّ هذا شرط صحيح لازم على القول الراجح عندنا؛ وانظري الفتوى رقم: 1357.
وعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، والراجح عندنا أنّ النفقة الواجبة للزوجة على زوجها هي قدر الكفاية بالمعروف اعتبارا بحال الزوجين، وأما ما يزيد على الكفاية فليس بواجب على الزوج؛ وانظري بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 105673 ، وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التواد والتراحم، والتغاضي عن الهفوات، ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
والله أعلم.