الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من به جرح لا يرقأ دمه، أن يعصب على هذا الجرح عصابة كضماد أو نحوه، ثم لا يلزمه إعادة شد تلك العصابة لكل صلاة، وقد ذكر الفقهاء أن المصاب بالسلس، والمستحاضة، ومن به جرح لا يرقأ دمه، أو رعاف دائم، يلزمه غسل المحل الملوث بالنجاسة، وتعصيبه مع الإمكان بطاهر يمنع الخارج حسب الإمكان.
قال في مطالب أولي النهى: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شَدُّهُ، كَبَاسُورٍ، وَنَاصُورٍ، وَجُرْحٍ لَا يُمْكِنُ شَدُّهُ، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، فَإِنْ غَلَبَ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَطَرَ، لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ؛ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ. (وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ غُسْلٍ، وَلَا) إعَادَةُ (تَعْصِيبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَيْثُ لَا تَفْرِيطَ) فِي الشَّدِّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ مَعَ غَلَبَتِهِ وَقُوَّتِهِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا، وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. انتهى.
وبما مر يعلم أنه لا يلزم إعادة تعصيب الجرح، بل يكفي عصبه مرة واحدة، ويعفى عما في العصابة من الدم للمشقة. وإن كان الجرح لا ينزف، فإنه يعفى عما في الضماد من الدم إن كان يسيرا، وضابط اليسير المعفو عنه مبين في الفتوى رقم: 134899.
وأما إن كان كثيرا فتجب إزالته؛ لأن اجتناب النجاسة شرط في صحة الصلاة إلا إن كان يترتب على إزالته ضرر، فيعفى عنه ولا تجب إزالته؛ لأن اجتناب النجاسة إنما يشترط مع القدرة، ولتنظر الفتوى رقم: 111752.
والله أعلم.