هل يجوز لامرأة يؤذيها زوجها أن تطلب الطلاق؟ وهل يحل لها الزواج ممن خببها؟

10-12-2013 | إسلام ويب

السؤال:
امرأة تزوجت من شخص منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وأنجبت منه أربعة أولاد، وطوال هذه المدة كان الزوج يعاني من الشك في الزوجة، مع العلم أن الزوجة ملتزمة، وتصلي، وتحفظ القرآن، ومع ذلك كان المرض مسيطرًا على هذا الزوج، فكان يشك في زوجته من أي شخص يتحدث إليها، وأصبح الشك شيئًا عاديًا في حياتهم، وصبرت تلك المرأة حتى تربي الأولاد في ظل ظروف مليئة بالسب، والشك، واتهمها بمعرفة أشخاص، وكان الزوج يراقب زوجته وهي تذهب إلى العمل حتى جعل من حولها من الزملاء والجيران يتسرب إليهم هذا الشك، حتى أنها شكت في كونها إنسانة سيئة السمعة، مما لقيت من بعض الرجال من مضايقات ومعاكسات؛ لأن من حولها شعر أنها امرأة سيئة السمعة، وكانت تبكي ليل نهار، وكنت أنصحها بالصبر والرجوع إلى الله، وكانت تصبر، ونصحتها أن تذهب هي وزوجها إلى طبيب أمراض نفسية، وكنت معهم، وبعد أن ذهبنا جاء تشخيص الطبيب بأن هذه الحالة هي حالة مرضية، وأنها متأخرة، وأوصى بالعلاج والمتابعة، ولكن الزوج مقتنع أنه سليم، وليس بمريض، ولم يأخذ العلاج، واستمر في هذه الحالة المرضية من سب الزوجة، واتهامها بأشياء مخلة بالآداب، وفضحها أمام أهله، والأقارب، والأولاد، والجيران، وهي الآن تعاني من مرض الكبت، وهذا تشخيص الطبيب لها، وتركت الصلاة لفترة، وقد تزوج بعض الأبناء، ولم يبق غير ابن لها في الكلية، وتعرضت إلى موقف مع شخص غريب، وعرف قصتها فأشفق عليها، وطلب منها أن يتم طلاقها من زوجها ويتزوجها هو، مع العلم أنها لا تحبه، ولكنها لا تعلم ماذا تفعل، إنها تريد أن تتخلص من سجن الزوج الأول الذي حرمها من أن تعيش حياة طبيعية كريمة، وتتمتع بحياتها مع أولادها، ولكن أصبح الزوج يسلط عليها أبناءها، ويشككهم فيها؛ حتى إن بعض أبنائها أصبح يسبها، ويضربها كما يفعل الوالد، فهل يجوز للزوجة طلب الطلاق من الزوج؟ مع العلم بأن الزوج يحبها حبًّا جنونيًا، ولا يقدر أن يعيش من غيرها، وهل يجوز لها أن تتزوج من ذلك الشخص الذي لا تعرف شعورها نحوه، غير أنه سوف يحافظ عليها، ويحميها، وهي لا تشعر نحوه بأي عاطفة؟
هذا ملخص حياة امرأة عاشت مع زوج يحبها بجنون، ويشك فيها بجنون أيضًا، وظلمها طوال حياتها بالسب، والضرب، والإهانة، وسلط عليها أولادها، وحرضهم على ضربها وسبها، أريد إرسال الحل الشرعي الذي يرضي الله - جزكم الله خيرًا -.

الإجابــة:

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فسنجيب عن هذا السؤال في النقاط التالية:

النقطة الأولى: أن الأصل في المسلم السلامة، فلا يجوز اتهامه بأمر معيب من غير بينة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. وراجع الفتوى رقم: 10077. فينبغي أن ينصح هذا الزوج، ويبين له خطورة ما يقدم عليه من اتهام زوجته في أمر يتعلق بعرضها وشرفها، وكيف يحبها، ثم يفعل معها ما يفعل من تصرفات سيئة؟!

وسب الزوجة وإهانتها من شأن أهل اللؤم، ومن سوء العشرة، والله سبحانه قد أمر بحسن العشرة، كما قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

 النقطة الثانية: يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إن كانت متضررة منه ضررًا بينًا، كما بينا في الفتوى رقم: 37112, ومهما أمكن التوافق والإصلاح فهو أفضل.

النقطة الثالثة: تحريض المرأة على الطلاق من زوجها، فيه إفساد لها على زوجها، وهذا من التخبيب، وهو محرم؛ حتى إن بعض أهل العلم ذهب إلى تحريم زواجه منها بعد طلاقها من زوجها، وانظر الفتوى رقم: 7895.

النقطة الرابعة: على الزوجة أن تجتهد في اجتناب مواطن الشبهات؛ لئلا يظن بها سوء، ومن شأن المؤمن الابتعاد عن مواطن الشبهات، كما هو مبين في الفتوى رقم: 55903.

النقطة الخامسة: من أخطر ما ذكر في السؤال التصرف السيء من بعض الأولاد مع أمهم، فلا يجوز لهم أولًا تصديق ما اتهمت به زورًا وبهتانًا، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى ليس لأحد منهم أن يسيء إليها، ولو أساءت هي، فبرها لا يسقط بحال؛ وراجع الفتوى رقم: 27653 ، والفتوى رقم: 40775

النقطة السادسة: لو قدر أن طلقت هذه المرأة من زوجها، فلها أن تتزوج من الرجل الآخر المذكور، إن لم يكن السبب في طلاقها من زوجها، فإن كان السبب فلا ينبغي لها أن  تتزوجه، خروجًا من خلاف من ذهب إلى عدم صحة الزواج في حالة التخبيب.

والله أعلم.

www.islamweb.net